طالب أستاذ المناخ بقسم الجغرافيا في جامعة القصيم مؤسس ورئيس لجنة تسمية الحالات المناخية، الدكتور عبدالله المسند، بإعادة كتابة مناهج التاريخ للمدارس، وإعادة النظر في كيفية التعاطي مع تأليف كتب التاريخ للمدارس، وحذر من أن علم التاريخ من أخطر العلوم في بناء فكر وثقافة ونفسية الطلاب والطالبات.
وأشار إلى أن نفسية وفكر الطالب والطالبة هما بالضرورة انعكاس لما درسوا وتعلموا في التاريخ، وأن المناهج هي اللبنة بل هي المصل الذي يدفع عن أبنائنا وبناتنا كل شر بإذن الله.
وتفصيلاً تساءل المسند: عندما تحكي لابنك عن "الطق" و"الخناق" و"الهوشات" التي حدثت في حارتكم أيام صغرك، وتحدثه عن تفاصيلها، وعن أبطالها، ثم تكرر القصص تلك على ابنك عامًا بعد عام، ولكن بشيء من الإطالة والتفصيل، وإضافة معارك دامية أخرى، وقعت بين حارتكم والحارات المجاورة، عندها سأسألك كيف سيتلقى الابن هذا التاريخ الدموي؟ وماذا تراه سيصنع؟ وكيف يمكن أن تكون أس العلاقة بينه وبين الآخرين؟
وأضاف: وهكذا (معظم) مناهج كتب التاريخ المقررة دراسيًّا، عندما تتصفحها ستجد ـ في الغالب ـ صفحاتها تدور بين حرب وضرب، كر وفر، سب وشتم، مكر وخديعة، دماء وأشلاء، حرق وقبر، غزوات ومعارك... إلخ.
وأردف: بل أحصيت أكثر من 100 معركة بين المسلمين (أنفسهم)، أو مع غيرهم، يدرسها الطالب خلال مراحل دراسته.
ومضى المسند: علم التاريخ من أخطر العلوم في بناء فكر وثقافة ونفسية الطلاب والطالبات؛ وعليه أعيدوا النظر في كيفية التعاطي مع تأليف كتب التاريخ للمدارس.
وواصل: ثم إن هذا السرد والعرض في مقرر كتب التاريخ، وهذه المشاهد الدموية، والحراك العسكري والسياسي، ينعكس وينطبع بالضرورة في خيال وذهن طلابنا؛ الأمر الذي يجعلهم ينظرون إلى الغير بمنظار آخر، ويقرؤون المواقف، ويحللون العلاقات بين الأمم والشعوب، بل حتى بين المناطق والقبائل وفقًا لما دُرس وقُرئ وحُفظ.
وتساءل المسند: لماذا يُحصر ويُقصر منهج التاريخ على الجانب العسكري الدموي فقط!؟ ذبح وقتل، هرج ومرج.. ويُغفل عن التاريخ الثقافي، والتاريخ العلمي، والهندسي، والجغرافي، والطبي، والزراعي، والرحلات، والاكتشافات الجغرافية والعلمية، والتاريخ الفني، والتشييد، والبناء، والإبداعات، والاختراعات... إلخ. لماذا!؟
وأكمل: أين باقي العلوم والفنون التي خلفها المسلمون لنا وللعالم؟ لماذا لا تُدرس في مناهج التاريخ بالتفصيل، ولكل المراحل الدراسية، فهي الدافع إلى البناء والعمارة للأرض. والتاريخ العسكري والسياسي والفتن والصفحات الدامية يمكن أن يُقلَّص ويؤخَّر إلى مراحل متقدمة من الدراسة، حتى تُبنى شخصية الطالب النفسية والثقافية على حب البناء لا الهدم، وعلى حب الاختراع لا التدمير، وعلى حب الزراعة لا القتل والحرق، وعلى حب الناس لا كرههم، وعلى حب السلام والوئام لا الحرب والعداء.